فصل: الشاهد الرابع والخمسون بعد الثلاثمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.مسير التتر بعد مهلك خوارزم شاه من العراق إلى أذربيجان وما وراءها من البلاد هنالك.

ولما وصل التتر إلى الري في طلب خوارزم شاه محمد بن تكش سنة سبع عشرة وستمائة ولم يجدوه عادوا إلى همذان واكتسحوا ما مروا عليه وأخرج إليهم أهل همذان ما حضرهم من الاموال والثياب والدواب فأمنوهم ثم ساروا إلى زنجان ففعلوا كذلك ثم إلى قزوين فامتنعوا منهم فحاصروها وملكوها عنوة واستباحوها ويقال أن القتلى بقزوين زادوا على أربعين ألفا ثم هجم غلبهم الشتاء فساروا إلى أذربيجان على شأنهم من القتل والاكتساح وصاحبها يومئذ أزبك بن البهلوان مقيم بتبريز عاكف على لذاته فراسلهم وصانعهم وانصرفوا إلى بوقان ليشتوا بالسواحل ومروا إلى بلاد الكرج فجمعوا لقتالهم فهزمهم التتر وأثخنوا فيهم فبعثوا إلى أزبك صاحب أذربيجان وإلى الاشرف بن العادل بن أيوب صاحب خلاط والجزيرة بطلبون اتصال أيديهم على مدافعة التتر وانصاف إلى التتر اقرش من موالي أزبك واليه جموع من التركمان والاكراد وسار مع التتر إلى الكرج واكتسحوا بلادهم وانتهوا إلى بلقين وسار إليهم الكرج فلقيهم اقرش أولا ثم لقيهم التتر فانهزم الكرج وقتل منهم ما لا يحصى وذلك في ذي القعدة من سنة سبع عشرة ثم عاد التتر إلى مراغة ومروا بتبريز فصانعهم صاحبها كعادته وانتهوا إلى مراغة فقاتلوها أياما وبها امرأة تملكها ثم ملكوها في صفر سنة ثماني عشرة واستباحوها ثم رحلوا عنها إلى مدينة اربل وبها مظفر الدين بن فاستمد بدر الدين صاحب الموصل فأمده بالعساكر ثم هم بالخروج لحفظ الدروب على بلاده فجاءت كتب الخليفة الناصر إليهم جميعا بالمسير إلى دقوقا ليقيموا بها مع عساكره ويدافع عن العراق وبعث معهم بشتمر كبير امرائه وجعل المقدم على الجميع مظفر الدين صاحب اربل فخافوا عن لقاء التتر وخام التتر عن لقائهم وساروا إلى همذان وكان لهم بها شحنة منذ ملكوها أولا فطالبوه بفرض المال على أهلها وكان رئيس همذان شريفا علويا قديم الرياسة بها فحضهم على ذلك فضجروا وأساؤا الرد عليه وأخرجوا الشحنة وقاتلوا التتر وغضب العلوي فتسلل عنهم إلى قلعة بقربها فامتنع وزحف التتر إلى البلد فملكوه عنوة واستباحوه واستحملوا أهله ثم عادوا إلى أذربيجان فملكوا أدربيل واستباحوها وخربوها وساروا إلى تبريز وقد فارقها ازبك بن البهلوان صاحب أذربيجان واران وقصد لقجوان وبعث بأهله وحرمه إلى حوى فرارا من التتر لعجزه وانهماكه فقام بأمر تبريز شمس الدين الطغرائي وجمع أهل البلد واستعد للحصار فأرسل اليه التتر في المصانعة فصانعهم وساروا إلى مدينة سوا فاستباحوها وخربوها وساروا إلى بيلقان فحاصروها وبعثوا إلى أهل البلد رجلا من أكابرهم يقرر معهم في المصانعة والصلح فقتلوه فأسرى التتر في حصارهم وملكوا البلد عنوة في رمضان سنة ثمان وعشرة واستلحموا أهلها وأفحشوا في القتل والمثلة حتى بقروا البطون على الأجنة واستباحوا جميع الضاحية قتلا ونهبا وتخريبا ثم ساروا إلى قاعدة اران وهي كنجة ورأوا امتناعها فطلبوا المصانعة من أهلها فصانعوهم ولما فرغوا من أعمال أذربيجان واران ساروا إلى بلاد الكرج وكانوا قد جمعوا لهم واستعدوا ووقعوا في حدود بلادهم فقالتهم التتر فهزموهم إلى بلقين قاعدة ملكهم فجمعوا هنالك ثم خاموا عن لقائهم لما رأوا من اقتحامهم المضايق والجبال فعادوا إلى بلقين واستولى التتر على نواحيها فخربوها كيف شاؤا ولم يقدروا على التوغل فيها لكثرة الاوعار والدوسرات فعادوا عنها ثم قصدوا دونبر شروان وحاصروا مدينة سماهي وفتكوا في أهلها ووصلوا إلى السور فعالوه باشلاء القتلى حتى ساموه واقتحموا البلد فأهلكوا كل من فيه ثم قصدوا الدرنبر فلم يطيقوا عبوره فأرسلوا إلى شروان في الصلح فبعث إليهم رجلا من أصحابه فقتلوا بعضهم واتخذوا الباقين أذلاء فسلكوا بهم درنبر شروان وخرجوا إلى الأرض الفسيحة وبها أمم القفجاق واللان واللكن وطوائف من الترك مسلمون وكفار فأوقعوا بتلك الطوائف واكتسحوا عامة البسائط وقاتلهم قفجاق واللان ودافعوهم ولم يطق التتر مغالبتهم ورجعوا وبعثوا إلى القفجاق وهم واثقون بمسالمتهم فلأوقعوا بهم وجر من كان بعيدا منهم إلى بلاد الروس واعتصم آخرون بالجبال والغياض واستولى التتر على بلادهم وانتهوا إلى مدينتهم الكبرى سراي على بحر نيطش المتصل بخليج القسطنطينية وهي مادتهم وفيها تجارتهم فملكها التتر وافترق أهلها في الجبال وركب بعضهم إلى بلاد الروم في ايالة بني قلج ارسلان ثم سار التتر سنة عشر وستمائة من بلاد قفجاق إلى بلاد الروم المجاورة لها وهي بلاد فسيحة وأهلها يدينون بالنصرانية فساروا إلى مدافعهم في تخوم بلادهم ومعهم جموع من القفجاق سافروا إليهم فاستطرد لهم التتر مراحل ثم ركوا عليه وهم غارون فطاردهم القفجاق والروم أياما ثم انهزموا وأثخن التتر فيهم قتلا وسبيا ونهبا وركبوا السفن هاربين إلى بلاد المسلمين وتركوا بلادهم فاكتسحها التتر ثم عادوا إليها وقصدوا بلغار أواخر السنة واجتمع أهلها وساروا للقائهم بعد أن أكمنوا لهم ثم استطردوا أمامهم وخرج عليهم الكمناء من خلفهم فلم ينج منهم إلا القليل وارتحلوا عائدين إلى جنكزخان بأرض الطالقان ورجع القفجاق إلى بلادهم واستقروا فيها والله تعالى مؤيد بنصره من يشاء.